مجموعة الأزمات الدولية تحذر السعودية من مغبة مهاجمة الحديدة وتقدم خطوات ملحة لمعالجة مشكلة السيولة ودفع المرتبات وإنهاء الحرب في اليمن
يمنات – وكالات
حذرت مجموعة الأزمات الدولية الاستشارية التحالف بقيادة السعودية من غزو الحديدة ومينائها الحيوي مؤكدة أن قوات التحالف لن يتم استقبالها في المدينة كمحررين. وحثت المجموعة في تقريرها أطراف الصراع لحل مشكلة البنك المركزي فورا، وقدمت خطوات ملحة لتجنب المجاعة وحلحلة الحرب.
وقالت المجموعة الدولية، إن اليمنيين يتضورون جوعا بسبب الحرب، ولا يمكن لأي قدر من المعونة الإنسانية أن يحل المشكلة الأساسية. فبدون حدوث تغيير فوري ودوري في المسارات، فإن أجزاء من البلد، وتحت إشراف مجلس الأمن، من المرجح أن تدفع إلى حافة المجاعة.
وأوضحت أن الكارثة المتوقعة هي نتيجة مباشرة للقرارات التي يتخذها جميع المتحاربين لتسليح الاقتصاد، إلى جانب اللامبالاة، وفي بعض الأحيان دور تيسيري يقوم به المجتمع الدولي، بما في ذلك الأعضاء الرئيسيون في مجلس الأمن مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
وشددت المجموعة أن تجنب المجاعة في اليمن، يتطلب من المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف التوقف عن وعودهم وتخطيطهم على المعركة الدامية والهجوم على أهم ميناء رئيس في اليمن، الحديدة. كما يتطلب اتخاذ إجراءات فورية من جانب الأطراف لوضع الخلافات جانبا والسماح لتكنوقراط البنك المركزي من معالجة مشكلة السيولة ودفع رواتب القطاع العام على الصعيد الوطني وتنظيم الريال. ولكي يكون هذا مستداما، يحتاج اليمنيون إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد تسوية سياسية دائمة لإتاحة الفرصة لإعادة بناء الاقتصاد الممزق.
ويقول تقرير المجموعة الدولية إن حلفاء التحالف السعودي عرقلوا مرارا حركة المساعدات والسلع التجارية للسكان.
واكد التقرير ان التحالف الذي تقوده السعودية، خنق تدفق السلع إلى أكبر وأهم ميناء في البلاد، الحديدة. ويعتمد اليمن أكثر من 90 في المائة على الواردات للسلع الأساسية مثل القمح والأرز؛ تقدر الأمم المتحدة أن 80 في المائة من جميع الواردات في الشمال تمر حاليا عبر الحديدة.
موضحة انه وفي ظل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 (أبريل 2015) الذي يدعو إلى فرض حظر على الأسلحة ضد قوات الحوثي / صالح، فرض التحالف الذي تقوده السعودية بقوة حصارا بحريا في السنة الأولى من الحرب. وبعد ثلاثة أشهر من تدخلها العسكري، لم يدخل البلد سوى 15 في المائة من واردات ما قبل الحرب، مما دفع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية إلى إصدار تحذيرات أولية بالمجاعة. وفي أعقاب التأخيرات البيروقراطية من جانب مجلس الأمن والتحالف والحكومة، تم حل المشكلة جزئيا في مايو 2016 من خلال آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش التي أدت إلى تخفيف القيود، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت الغارات الجوية للتحالف أضرت بالفعل القدرة الإنتاجية للميناء، وادت إلى العرقلة والتأخير.
مؤكدة ان الوضع على وشك أن يصبح أسوأ بكثير، حيث يبدو التحالف عازما على كسر الجمود العسكري الذي كان قائما إلى حد كبير منذ سبتمبر 2015 بمحاولة الاستيلاء على ساحل البحر الأحمر، بما في ذلك الحديدة.
وأكدت المجموعة الدولية، أن هناك اتفاقا واسع النطاق بين اليمنيين بأن حكومة هادي ستستخدم السيطرة على الميناء كورقة لمواصلة الضغط على المناطق التي تسيطر عليها الحوثي / صالح اقتصاديا في محاولة لكسر هذا التحالف أو إثارة انتفاضة داخلية ضده، وهو هدف التحالف الذي تقوده السعودية منذ فترة طويلة. وستقع تكاليف هذه الاستراتيجية بشكل غير متناسب على عاتق السكان المدنيين.
ويجادل العاملون في المجال الإنساني بأنه حتى في قدرته المحدودة، لا يوجد بديل لميناء الحديدة من حيث الموقع والبنية التحتية. إذا هوجمت المدينة وأغلق الميناء، فسوف تصبح أهم نقطة اختناق في ما هو بالفعل تحدي الجوع الضخم.
غير أن المشكلة الحالية الأكثر حدة هي على جانب الطلب. وعلى الرغم من التحديات المتزايدة، لا يزال الغذاء متاحا على نطاق واسع في الأسواق، بما في ذلك صنعاء. ومع ذلك، فإن اليمنيين في جميع أنحاء البلاد غير قادرين على شرائها بشكل متزايد.
بعد عامين من القتال البري والقصف الجوي، والاقتصاد ممزق. تقترب الأسر والمجتمعات المحلية من نقطة الانهيار، بعد أن باعت أصولها، وأنفقت مدخراتها واستنفدت شبكات الدعم الموسعة. والوضع أشد من ذلك بالنسبة لأكثر من ثلاثة ملايين من المشردين داخليا ومقيمين في محافظات مثل الحديدة الذين كانوا الافقر قبل النزاع. كما أن ذلك يؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات، اللواتي عادة ما يكن آخر من يتناولن الطعام، وفي ديسمبر 2016، شكلن 62 في المائة من أربعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية الحاد.
ومن العناصر الحاسمة في أزمة القوة الشرائية، عجز البنك المركزي عن دفع رواتب القطاع العام باستمرار منذ أغسطس 2016. وهذا نتاج تقلص موارد الدولة، وأزمة سيولة حادة، وعدم قدرة البنك على نقل الموارد المالية بين المناطق الخاضعة للسيطرة من قبل أطراف النزاع.
وأوضحت ان المسألة أصبحت مسيسة إلى حد بعيد. وقبل قرار هادي في 19 سبتمبر بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، كان هناك اتفاق ضمني بين الأطراف المتحاربة للسماح للمؤسسة بأن تعمل بحرية نسبيا بعيدا عن التدخل. واتفق الدبلوماسيون والاقتصاديون على نطاق واسع على أن البنك ظل محايدا إلى حد كبير، مما سهل استيراد قائمة السلع الأساسية بشكل متزايد، وحماية قيمة الريال ودفع مرتبات القطاع العام على الصعيد الوطني في ظل ظروف اقتصادية متزايدة الصعوبة.
ولكن هذا لم يدم. وبدون عائدات من الإيرادات النفطية، التي شكلت ما يقرب من نصف ميزانية الحكومة في عام 2014، أو دعم المانحين، تعرضت كل من الملاءة المالية والسيولة الفورية لضغوط هائلة.
وعن طريق نقل البنك، ادعت الحكومة أن ذلك من شأنه أن يمنع التحالف الحوثي / صالح من استخدام أموال البنك المركزي لمجهودها الحربي، مع السماح للبنك بدفع رواتب القطاع العام على الصعيد الوطني وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وقد قام البنك في عدن بطباعة العملة التي تمس الحاجة إليها لمعالجة أزمة السيولة (وهي الخطوة التي حظرتها حكومة هادي عندما كان البنك في صنعاء). تم تسليم ما لا يقل عن 160 مليار ريال يمني (حوالي 640 مليون دولار) إلى عدن كجزء من 400 مليار ريال (1.6 مليار دولار) من شركة طباعة في روسيا. ومع ذلك، لا توجد شفافية تذكر بشأن كيفية صرف الأموال. وعلاوة على ذلك، ومنذ نقل البنك، دفعت بعض المرتبات في الجنوب ولكن أقل بكثير في الشمال، وانهار النظام المصرفي كله، مما وضع ضغوطا إضافية على جانب العرض، حيث لم يعد باستطاعة مستوردي السلع الحصول على خطابات الاعتماد.
وقالت المجموعة الدولية إن التصدي للمجاعة التي تلوح في الأفق يشكل تحديا معقدا يتطلب اتخاذ إجراء فوري لمنع تدهور الحالة وتقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى من هم في أمس الحاجة إليها. وسيتضور اليمنيون جوعا نتيجة للعواقب المالية المترتبة على الحرب، ولكن هذا الاتجاه لا يزال من الممكن وقفه إذا اختارت الجهات الفاعلة السياسية القيام بذلك.
وقدمت المجموعة الدولية خطوات ملحة لتجنب المجاعة وحلحلة الحرب:
– يجب على التحالف الذي تقوده السعودية وقف خططه لغزو ميناء الحديدة.
– يجب على سلطات الحوثيين / صالح والحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية العمل مع مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق يسمح لتكنوقراط البنك المركزي في عدن وصنعاء بوضع خطة لاستئناف دفع رواتب القطاع العام على الصعيد الوطني، وصرف حوالات مالية نقدية اجتماعية إلى أفقر اليمنيين، وأداء المهام المصرفية الأساسية دون تدخل سياسي حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة. وينبغي أن يتضمن هذا الحل التوفيقي عدة عناصر، منها:
– التعاون بين البنك المركزي في عدن وفرعه في صنعاء، حيث تتواجد غالبية التكنوقراط والبنية التحتية المصرفية.
– موافقة قوات الحوثيين / صالح والحكومة على عدم التدخل في القرارات التي يتخذها تكنوقراط البنك المركزي، ولا يستخدم حقنة البنك من السيولة لأغراض أخرى.
– التزام جميع الأطراف بضمان إيداع ايرادات النفط والجمارك والضرائب في نظام البنك المركزي الوطني؛ والسماح للبنك المركزي من إمكانية الوصول إلى بعض المصارف التجارية وعلى الأقل إلى البنوك المركزية الأجنبية التي لديها احتياطيات إيداع.
– الموافقة على دفع مرتبات القطاع العام على أساس قوائم الأجور لعام 2014.
– ضرورة موافقة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على تمويل ما يقرب من 500 مليون دولار يتم دفعها كحوالات نقدية طارئة لافقر اليمنيين لمدة سنة واحدة باستخدام قوائم الرعاية الاجتماعية لعام 2014، إلى جانب البنك الدولي والجهات المانحة الأخرى.
ولكي تكون هذه التدابير ناجحة، يجب في نهاية المطاف أن تستكمل وتؤيد باتفاق لوقف إطلاق النار والسلام يتيح لليمن فرصة إعادة بناء مؤسسات الدولة والاقتصاد.
– على سلطات الحوثيين / صالح والحكومة إعادة العمل فورا مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لضمان وقف إطلاق النار واستئناف المحادثات بناء على خارطة طريق مبعوث الأمم المتحدة.
– يجب على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ إجراءات فورية لتجديد المسار السياسي من خلال تمرير قرار جديد بموجب سلطته الإلزامية بموجب الفصل السابع الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار والوصول غير المقيد إلى المساعدات الإنسانية والعودة إلى المحادثات استنادا إلى خارطة الطريق الحالية للأمم المتحدة، وذلك يتطلب تنازلات من كلا الجانبين.